براءة ذمة الشيخ البشر
محمد أحمد الحساني
نشرت صحيفة الاقتصادية في عددها الصادر بتاريخ 24/10/1435هـ ملاحظة لفضيلة الشيخ محمد البشر رئيس محكمة الأحوال الشخصية في المدينة المنورة، مفادها وجود شكوى من ضعف مستوى العاملين في قسم الخبراء في المحاكم العامة في مكة المكرمة، والمدينة المنورة وهم الذين يسمون باسم «هيئة النظر» ويوكل إليهم العديد من الأمور الشرعية المهمة وفي مقدمتها مساعدة القضاة على اختيار بديل مناسب لوقف أهلي نزعت ملكيته لصالح مشروع تنموي أو سمحت المحكمة العامة ببيعه واستبداله بوقف آخر لوجود غبطة ومصلحة للوقف والمستحقين لريعه من عملية البيع والاستبدال، فيكون من مهام أولئك الخبراء تحديد السعر المناسب للوقف المراد بيعه واستبداله، ثم اختيار عقار بديل أو عدة عقارات لتحل محل الوقف المباع، لأن ناظر الوقف الذي يكون عادة أحد المستحقين المستفيدين من ريعه يقام ناظرا عن طريق قضاة المحكمة بعد ترشيح بقية المستحقين له أمام القاضي أو لا يكون لديهم مرشح مفضل فيعهد القاضي بالنظارة لمن يتوسم فيه الخير في معظم الأحيان.
ولذلك تصبح مهمة خبراء المحكمة الذين يتولون شؤون الأوقاف تثمينا وبيعا واستبدالا مهمة عظيمة وأمانة ثقيلة تتوزع بين القاضي المكلف بنظر قضية لصالح وقف من الأوقاف وبين خبراء المحكمة؛ وذلك في حالة التثمين والبيع والاستبدال، ولذاك فإن ملاحظة الشيخ القاضي محمد البشر حول عدم أهلية بعض الخبراء في محاكم مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي ملاحظة أدلى بها أمام معالي وزير العدل الدكتور محمد العيسى الذي أكد أنه يجوز للقاضي ندب خبير من خارج إطار المحكمة إن لزم الأمر وتحميل أتعابه على المستفيد من المهمة التي يقوم بها الخبير، وقد شكرت للشيخ البشر قوله: يجب أن نبرئ ذمتنا وذمة الوزارة من ذلك ويقصد به عدم أهلية بعض أهل الخبرة في محاكم المدينتين المقدستين، وهو يتحدث باسم القضاة الذين يحتاجون إلى عون أهل الخبرة حتى يكون قرارهم المتخذ نحو تثمين وبيع واستبدال أي وقف سليما ومبرئا للذمة، كما أشكر لمعالي الوزير أنه فتح الباب أمام القضاة للاستعانة بخبراء من خارج المحكمة في المسألة نفسها تحريا للحق والعدل وإنصافا لأوقاف بناها وأوقفها إخوة مسلمون عاشوا وماتوا قبل عشرات أو مئات السنين، ووضعوا شروطا لأوقافهم أصبح تنفيذها أمانة في عنق العاملين في المحاكم العامة، وأصبح تثمينها وبيعها تحقيقا للغبطة المصلحة ثم شراء البديل أمانة أكثر ثقلا في أعناق كل من يتولى أمور الأوقاف من نظار وقضاة وخبراء.
ولعلي بهذه المناسبة أؤكد مجددا على وجوب إعطاء قضايا الأوقاف المنظورة في المحاكم حقها من الحسم السريع والمبادرة إلى توفير البديل المناسب لأي وقف نزعت ملكيته أو بيع لأنه دامر لا ثمرة له، لأن بقاء الثمن أو التعويض شهورا عديدة يفقد المبلغ بعض قوته الشرائية فكيف لو أن المسألة احتاجت لسنوات بين أخذ ورد ومماطلة وتسويف؟!
المصدر: عكاظ